هذا سؤال يلحُّ على الكثيرين عندما نرى أن الثورة أصبحت في تراجع و ضمور بعد امتلاكها للأسلحة و الأدوات مقارنة بقوتها و انتصاراتها في فتراتها الأولى حينما كانت أقل دعماً و أقلّ تسليحاً .
ربما بعض من كانت لديهم رؤية منذ بداية الثورة أدركوا مبكّراً أن هذا الخطر سيداهم الثورة و يضعفها , لماذا لم يستطيعوا إنجاز شيء ، هذا أمر لابد من الوقوف عليه و البحث عن الحقيقة بشكل جدّي .
بعد ثلاث سنوات من عمر الثورة تكاثر ( الدَّرَن ) و الفساد على جسدها فأنهكها و حوّلها إلى مجرّد صراع بقاء و فقدت حماسها الأول للتحرير و تحقيق الانتصار , و أصبح الحديث عن تسويات و مصالحات من البديهيات في حين أنه كان من المحرّمات , حتى بين بعض المخلصين بعد أن تسلل اليأس و الوهن إلى نفوسهم .
لاشك أن المال السياسي و الانتهازية السياسية هما العاملين الأشد فتكاً بالثورة , و اللذان مزّقا جسدها و كلّف السوريين ثمنا باهظا كنتيجة لذلك من الدماء و الممتلكات و التشرد .
عندما انطلقت الثورة في أيامها الأولى , كانت من الأصالة بحيث أنها حملت قيماً حقيقية مثّلت ضمير الأمة و هويتها بكل وضوح .
فهي قد انطلقت من المساجد حاملة قيم العدل و التضامن و الإخاء , و حتى الشورى حيث كانت المناطق تجتمع للتنسيق و التشاور في مظاهراتها الأولى و للتخطيط و الإعداد .
هذه قيم أمة و ليست قيم ثورة مطالبة بالإصلاح , و هذا ما نبّه أعداءها ( و الغرب خصوصاً ) إلى خطورتها و نتائجها على المستقبل , فكان لابدّ من حرف مسارها و إخراجها بحلّة جديدة تحولّها من ثورة كرامة إلى ثورة استجداء , و من مطالبة بالحرية إلى صراع من أجل البقاء .
الغرب أدرك أن أفضل الحلول للقضاء على ثورة تحمل قيم أمة هو إصابتها بأمراض أمة , و عاد بنا إلى التاريخ القديم و بداية ضعف الأمة منذ زوال الخلافة الراشدة .
إنه الفصام بين العقيدة و الفكر , و سيطرة القوة على الحق , فأطلق العنان للمال السياسي , و أغرى كل صاحب مال أو نفوذ للبدء بتحقيق أحلامه التي ركنت في مخيلته مستخدماً هذا المال و هذا النفوذ , ليضيف كل حزب أو فصيل خصماً فوق خصومه و ندخل في صراع نفوذ إلى جانب حرب الاستقلال .
صاحَب ذلك تراجع النخب العلمية و الثقافية عن المشهد و تم اتهامها (زوراً ) أنها ابتعدت عن المشاركة منذ البداية رغم ما وثقته الثورة من مشاركة الأكاديميين و الطبقة المتعلمة في هذه الثورة منذ أيامها الأولى , لكنه المال السياسي الذي بدأ بانتقاء ذوي الولاء الحزبي و من يسهل إقناعهم ليصبحوا الزعماء و القيادات في أغلب مواضع الثورة .
و اصطاد الإعلام نخب المعارضة ليصنع منها قيادات وهمية تحرف المسار يميناً تارة و يساراً تارة أخرى طاحنة بين رحاها العموم الذي تاه و بدأ يميل إلى الخلاص بأية طريقة تحت وطأة الجوع و المرض و شلالات الدماء على أنقاض المدن و البلدات , و تفرغ النفوذ الإعلامي لصناعة كتلتين متصادمتين على الدوام , فهنا قداسة زائفة , و هناك تشهير فاسد عقيم لا يحقق مصلحة .
وقعنا في خطيئة الفصام بين العقيدة و الفكر لندخل في صراع بين ممولين شيوخ , و حركات إسلامية تملك خبرة و إمكانيات , و علمانيون يدعمهم الغرب يهوّلون من المشهد ” العَقَدي ” القادم , و يَحرِفون الهوية باتجاه الغرب تحت شعارات المساواة و التسامح و المحبة و السلام .
حالنا الآن كحال الأمة تماما , فلا عزم لنا بتفرقنا , و لا تجتمع لنا كلمة , و ربما لم تعد تحركنا المصيبة أو الخسارة , فلا كيان جمعي يمثل مفهوم الثورة , و لا مؤسسات نثق بها نمنحها الولاء , لتأخذ بيدنا و توجه مسيرتنا .
عدم تحديد منطلقاتنا الفكرية , و عدم التشاور و التعاون بين الزعامة السياسية و الزعامة الدينية أوقعنا في مأزق رجال دين يمارسون السياسة بلا خبرة , و رجال سياسة يتصدرون للشريعة بلا علم , و كل فريق يعمل على إقصاء الآخر أو القفز عليه متى سنحت الفرصة .
إلى جانب ذلك تم استنساخ الاستبداد باسم البعث و الممانعة , إلى استبداد باسم الدين و الشريعة , لتطلق أحكام الحدود على الشبهة , و دون الوعي و التنبه للظروف و الأسباب و الدوافع , و دون أن يعطى الناس فرصة للحوار أو الاعتراض او طلب الحجة أو حتى الدفاع عن أنفسهم و مداورة الآراء , فكان النفور و العداء لدى فئة و التقية خوفا لدى فئة أخرى ليرتفع رصيد الغرب من جديد , فلو أعلن الغرب الآن عن تدخله و سيطرته سيجد تياراً ضخما من المساعدين و المتعاونين الذين ينتظرون أي بديل يحقق الحرية و يريحهم من المستبد صاحب الغلبة , البديل للمستبد الذي قامت عليه الثورة , فعندما يتحول كيان الإنسان إلى “جَبر” و إذعان , تموت فيه المعاني الإنسانية و يشذّ نحو التطرف يمنة أو يسرة .
ذاب الثوار في هذه الجموع تحت وطأة الحاجة للسلاح و المال و الفوضى و أصبحوا أطرافا في صراع لم يختاروه بإرادتهم و إنما دُفعوا إليه دفعاً , و رحل جزء آخر يائساً تطحنه الحيرة و العجز عن التفكير .
هذ التحول من ثورة متماسكة و ذات أهداف , إلى ” نُتف ” و أشلاء موزعة في كل مكان , سببه الأساس هو عدم بناء مؤسسات للثورة على الأرض , و عدم السماح لأي مشروع بديل متكامل بالعمل , بل عوضاً عن ذلك تم هدم أي مؤسسة قائمة أو الطعن بها و بناء مؤسسات خارجية وهمية تدّعي أنها التمثيل الحقيقي للثورة و هي بعيدة كل البعد عما يحصل على الأرض و معلوماتها تأخذها غالبا من التقارير الصحفية و من مواقع التواصل الاجتماعي .
تم استلاب الثورة باتجاه الخارج , و تم البدء بتحويلها إلى حرب توازنات بدلاً من حرب تحرير .
على الطرف الآخر و البعيد تماما ظهرت شريحة تلتمس العون و الرضى من الأعداء الحقيقيين الذين خططوا و رسموا هذه السياسة , و الذين يطلبون السلام مع “إسرائيل” أو العون منها لإنهاء هذا الاحتلال .
لقد غاب عن ذهن هؤلاء حقائق هامة تفضح مدى سطحيتهم و سذاجتهم السياسية و التاريخية , فالهدف ليس حماية إسرائيل عبر نظام موالٍ لها بالدرجة الأولى , بل هو تدمير و تفتيت مجتمع الشام و منعه من النهوض لمئة عام قادمة على الأقل , فـ ” إسرائيل” تعلم أن هذا الإنسان المسلم البسيط يحمل في جيناته تاريخ الأمة مكثفاً و جاهزاً للنبات متى توفرت له البيئة المناسبة , كذلك غفل هؤلاء عن حقيقة أن “إسرائيل ” لا تريد السلام و لا تسعى له فهي دولة قائمة على الخوف و التهديد بالزوال لتشنّ عدوانها الدائم فإن زالت أسباب تهديدها أصبحت هي مهددة بالزوال .
ما سبق تشخيص مختصر للمشهد المريض و ليس دعوة لليأس فالحقيقة التي لابد أن نوقن بها , أن هذه الثورة أقوى و أكثر قدرة على التنفيذ من قوى الاحتلال , و هي قادرة على إمساك زمام أمورها و التقدم نحو الانتصار بخطى أكثر ثباتا و رصانة , مكانتنا التاريخية و الجغرافية , و أصالتنا الإسلامية , هي نقاط قوة لنا و لتفعيلها نحتاج لإعادة جمع الثورة من جديد , ما نحتاجه هو العمل المنظّم و المرجعية التوافقية , و الكفّ عن إقصاء الحهاد الشامي بحجة الإرهاب , علينا البدء ببناء مؤسسات لكل مجالات الثورة و البدء بدعم و تفعيل المؤسسات القائمة و تدارك النقص و التوقف عن التذمر من كل شاردة و واردة يقوم بها الثوار بحجّة التوضيح و ” كلمة حق” فالسكوت أقل ضرراً من التنطّع .
لترسيخ هويتنا الإسلامية و الخروج من هذه الثورة بأدوات تساعدنا على ممارسة هذه الهوية , على العلماء و المثقفين و الأكاديميين و القانونيين و رجال المال و الاقتصاد , أن يبدؤوا بوضع علوم و قوانين و لوائح إدارية تنظم عمل المجتمع برؤية إسلامية معاصرة , و الابتعاد عن الغلوّ في نبذ كل قالب يأتي من الغرب بحجّة أنه من صنع الكفّار , فالأعراف الإنسانية هي أعراف مشتركة بين بني البشر على مختلف مللهم و دياناتهم , و لنضبط قوانيننا و سياساتنا بما لا ينتهك حرمات الله , و إلا فإننا سنبقى ندور في وهم دولة الإسلام و الخلافة و غيرها دون أن يكون لدينا أي أدوات أو وسائل للتطبيق تساعدنا على مليء الفراغ , و سيملؤه الأقوى عند أول فرصة حتى و لو كان من الخارج .
الغرب يعيد إنتاج مجتمعنا من جديد , و الشام ستكون هي النموذج الذي سيطبق على بقية الدول العربية و الإسلامية , فإن سقطت هويتنا في الشام ربما تسقط معها الهوية في كل دولة إسلامية , نحن الخندق المتقدم للأمة و إن لم نبدأ بتحمل مسؤوليتنا بالعمل الجاد الحقيقي , و إشراك المال و الفكر و الزعامات الاجتماعية و السياسية , و التخفيف من حدة الخطاب الإقصائي و التهديد بالقتل و الذبح لكل من يخالفنا , فنحن على أعتاب سقوط مدوٍّ لن ينجو منه أحد , حتى يأذن الله بجيل جديد يُصلحُ ما أفسدناه .
نُشر هذا المقال في موقع شبكة سبيل .. 2014/05/17
http://www.sabiel.net/أزمة-فكر-أم-أزمة-سلاح؟/
لاشك أن المال السياسي و الانتهازية السياسية هما العاملين الأشد فتكاً بالثورة , و اللذان مزّقا جسدها و كلّف السوريين ثمنا باهظا كنتيجة لذلك من الدماء و الممتلكات و التشرد .
عندما انطلقت الثورة في أيامها الأولى , كانت من الأصالة بحيث أنها حملت قيماً حقيقية مثّلت ضمير الأمة و هويتها بكل وضوح .
فهي قد انطلقت من المساجد حاملة قيم العدل و التضامن و الإخاء , و حتى الشورى حيث كانت المناطق تجتمع للتنسيق و التشاور في مظاهراتها الأولى و للتخطيط و الإعداد .
هذه قيم أمة و ليست قيم ثورة مطالبة بالإصلاح , و هذا ما نبّه أعداءها ( و الغرب خصوصاً ) إلى خطورتها و نتائجها على المستقبل , فكان لابدّ من حرف مسارها و إخراجها بحلّة جديدة تحولّها من ثورة كرامة إلى ثورة استجداء , و من مطالبة بالحرية إلى صراع من أجل البقاء .
الغرب أدرك أن أفضل الحلول للقضاء على ثورة تحمل قيم أمة هو إصابتها بأمراض أمة , و عاد بنا إلى التاريخ القديم و بداية ضعف الأمة منذ زوال الخلافة الراشدة .
إنه الفصام بين العقيدة و الفكر , و سيطرة القوة على الحق , فأطلق العنان للمال السياسي , و أغرى كل صاحب مال أو نفوذ للبدء بتحقيق أحلامه التي ركنت في مخيلته مستخدماً هذا المال و هذا النفوذ , ليضيف كل حزب أو فصيل خصماً فوق خصومه و ندخل في صراع نفوذ إلى جانب حرب الاستقلال .
صاحَب ذلك تراجع النخب العلمية و الثقافية عن المشهد و تم اتهامها (زوراً ) أنها ابتعدت عن المشاركة منذ البداية رغم ما وثقته الثورة من مشاركة الأكاديميين و الطبقة المتعلمة في هذه الثورة منذ أيامها الأولى , لكنه المال السياسي الذي بدأ بانتقاء ذوي الولاء الحزبي و من يسهل إقناعهم ليصبحوا الزعماء و القيادات في أغلب مواضع الثورة .
و اصطاد الإعلام نخب المعارضة ليصنع منها قيادات وهمية تحرف المسار يميناً تارة و يساراً تارة أخرى طاحنة بين رحاها العموم الذي تاه و بدأ يميل إلى الخلاص بأية طريقة تحت وطأة الجوع و المرض و شلالات الدماء على أنقاض المدن و البلدات , و تفرغ النفوذ الإعلامي لصناعة كتلتين متصادمتين على الدوام , فهنا قداسة زائفة , و هناك تشهير فاسد عقيم لا يحقق مصلحة .
وقعنا في خطيئة الفصام بين العقيدة و الفكر لندخل في صراع بين ممولين شيوخ , و حركات إسلامية تملك خبرة و إمكانيات , و علمانيون يدعمهم الغرب يهوّلون من المشهد ” العَقَدي ” القادم , و يَحرِفون الهوية باتجاه الغرب تحت شعارات المساواة و التسامح و المحبة و السلام .
حالنا الآن كحال الأمة تماما , فلا عزم لنا بتفرقنا , و لا تجتمع لنا كلمة , و ربما لم تعد تحركنا المصيبة أو الخسارة , فلا كيان جمعي يمثل مفهوم الثورة , و لا مؤسسات نثق بها نمنحها الولاء , لتأخذ بيدنا و توجه مسيرتنا .
عدم تحديد منطلقاتنا الفكرية , و عدم التشاور و التعاون بين الزعامة السياسية و الزعامة الدينية أوقعنا في مأزق رجال دين يمارسون السياسة بلا خبرة , و رجال سياسة يتصدرون للشريعة بلا علم , و كل فريق يعمل على إقصاء الآخر أو القفز عليه متى سنحت الفرصة .
إلى جانب ذلك تم استنساخ الاستبداد باسم البعث و الممانعة , إلى استبداد باسم الدين و الشريعة , لتطلق أحكام الحدود على الشبهة , و دون الوعي و التنبه للظروف و الأسباب و الدوافع , و دون أن يعطى الناس فرصة للحوار أو الاعتراض او طلب الحجة أو حتى الدفاع عن أنفسهم و مداورة الآراء , فكان النفور و العداء لدى فئة و التقية خوفا لدى فئة أخرى ليرتفع رصيد الغرب من جديد , فلو أعلن الغرب الآن عن تدخله و سيطرته سيجد تياراً ضخما من المساعدين و المتعاونين الذين ينتظرون أي بديل يحقق الحرية و يريحهم من المستبد صاحب الغلبة , البديل للمستبد الذي قامت عليه الثورة , فعندما يتحول كيان الإنسان إلى “جَبر” و إذعان , تموت فيه المعاني الإنسانية و يشذّ نحو التطرف يمنة أو يسرة .
ذاب الثوار في هذه الجموع تحت وطأة الحاجة للسلاح و المال و الفوضى و أصبحوا أطرافا في صراع لم يختاروه بإرادتهم و إنما دُفعوا إليه دفعاً , و رحل جزء آخر يائساً تطحنه الحيرة و العجز عن التفكير .
هذ التحول من ثورة متماسكة و ذات أهداف , إلى ” نُتف ” و أشلاء موزعة في كل مكان , سببه الأساس هو عدم بناء مؤسسات للثورة على الأرض , و عدم السماح لأي مشروع بديل متكامل بالعمل , بل عوضاً عن ذلك تم هدم أي مؤسسة قائمة أو الطعن بها و بناء مؤسسات خارجية وهمية تدّعي أنها التمثيل الحقيقي للثورة و هي بعيدة كل البعد عما يحصل على الأرض و معلوماتها تأخذها غالبا من التقارير الصحفية و من مواقع التواصل الاجتماعي .
تم استلاب الثورة باتجاه الخارج , و تم البدء بتحويلها إلى حرب توازنات بدلاً من حرب تحرير .
على الطرف الآخر و البعيد تماما ظهرت شريحة تلتمس العون و الرضى من الأعداء الحقيقيين الذين خططوا و رسموا هذه السياسة , و الذين يطلبون السلام مع “إسرائيل” أو العون منها لإنهاء هذا الاحتلال .
لقد غاب عن ذهن هؤلاء حقائق هامة تفضح مدى سطحيتهم و سذاجتهم السياسية و التاريخية , فالهدف ليس حماية إسرائيل عبر نظام موالٍ لها بالدرجة الأولى , بل هو تدمير و تفتيت مجتمع الشام و منعه من النهوض لمئة عام قادمة على الأقل , فـ ” إسرائيل” تعلم أن هذا الإنسان المسلم البسيط يحمل في جيناته تاريخ الأمة مكثفاً و جاهزاً للنبات متى توفرت له البيئة المناسبة , كذلك غفل هؤلاء عن حقيقة أن “إسرائيل ” لا تريد السلام و لا تسعى له فهي دولة قائمة على الخوف و التهديد بالزوال لتشنّ عدوانها الدائم فإن زالت أسباب تهديدها أصبحت هي مهددة بالزوال .
ما سبق تشخيص مختصر للمشهد المريض و ليس دعوة لليأس فالحقيقة التي لابد أن نوقن بها , أن هذه الثورة أقوى و أكثر قدرة على التنفيذ من قوى الاحتلال , و هي قادرة على إمساك زمام أمورها و التقدم نحو الانتصار بخطى أكثر ثباتا و رصانة , مكانتنا التاريخية و الجغرافية , و أصالتنا الإسلامية , هي نقاط قوة لنا و لتفعيلها نحتاج لإعادة جمع الثورة من جديد , ما نحتاجه هو العمل المنظّم و المرجعية التوافقية , و الكفّ عن إقصاء الحهاد الشامي بحجة الإرهاب , علينا البدء ببناء مؤسسات لكل مجالات الثورة و البدء بدعم و تفعيل المؤسسات القائمة و تدارك النقص و التوقف عن التذمر من كل شاردة و واردة يقوم بها الثوار بحجّة التوضيح و ” كلمة حق” فالسكوت أقل ضرراً من التنطّع .
لترسيخ هويتنا الإسلامية و الخروج من هذه الثورة بأدوات تساعدنا على ممارسة هذه الهوية , على العلماء و المثقفين و الأكاديميين و القانونيين و رجال المال و الاقتصاد , أن يبدؤوا بوضع علوم و قوانين و لوائح إدارية تنظم عمل المجتمع برؤية إسلامية معاصرة , و الابتعاد عن الغلوّ في نبذ كل قالب يأتي من الغرب بحجّة أنه من صنع الكفّار , فالأعراف الإنسانية هي أعراف مشتركة بين بني البشر على مختلف مللهم و دياناتهم , و لنضبط قوانيننا و سياساتنا بما لا ينتهك حرمات الله , و إلا فإننا سنبقى ندور في وهم دولة الإسلام و الخلافة و غيرها دون أن يكون لدينا أي أدوات أو وسائل للتطبيق تساعدنا على مليء الفراغ , و سيملؤه الأقوى عند أول فرصة حتى و لو كان من الخارج .
الغرب يعيد إنتاج مجتمعنا من جديد , و الشام ستكون هي النموذج الذي سيطبق على بقية الدول العربية و الإسلامية , فإن سقطت هويتنا في الشام ربما تسقط معها الهوية في كل دولة إسلامية , نحن الخندق المتقدم للأمة و إن لم نبدأ بتحمل مسؤوليتنا بالعمل الجاد الحقيقي , و إشراك المال و الفكر و الزعامات الاجتماعية و السياسية , و التخفيف من حدة الخطاب الإقصائي و التهديد بالقتل و الذبح لكل من يخالفنا , فنحن على أعتاب سقوط مدوٍّ لن ينجو منه أحد , حتى يأذن الله بجيل جديد يُصلحُ ما أفسدناه .
نُشر هذا المقال في موقع شبكة سبيل .. 2014/05/17
http://www.sabiel.net/أزمة-فكر-أم-أزمة-سلاح؟/